ردود على أسئلة
د. مصطفى رجب |
21-01-2011 22:01 *
كيف قال تعالى : { يَأَيّهَا النّبِيّ . . . }[التحريم/1]. ولم يقل : يا
محمد كما قال تعالى : يا موسى ، يا عيسى ، يا داود ونحوه ؟
قال
الإمام الرازي في الأنموذج الجليل : إنما عدل عن ندائه باسمه إلى ندائه
بالنبي والرسول إجلالا له وتعظيما كما قال تعالى : { يا أيها النبي لِمَ
تُحَرِّمُ } (المائدة/67) { يا أيها الرسول بَلِّغْ } [المائدة/67].
فإن
قيل : لو كان ذلك كما ذكرتم لعدل عن اسمه إلى نعته في الإخبار عنه كما عدل
في النداء في قوله تعالى : { مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ . . . }[الفتح/29].
وقوله
تعالى { وَمَا مُحَمّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ
أَفإِنْ مّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىَ أَعْقَابِكُمْ وَمَن
يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي
اللّهُ الشّاكِرِينَ }[آل عمران/144].
قلنا : إنما عدل عن نعته في
هذين الموضعين لتعليم الناس أنه رسول الله وتلقينهم أن يسموه بذلك ويدعوه
به ، ولذلك ذكره " بنعته " لا " باسمه " في غير هذين الموضعين من مواضع
الإخبار، كما ذكره في النداء { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَءُوفٌ رّحِيمٌ }[التوبة/128].
* كيف قال الله تعالى : (لغد) وأراد به يوم القيامة ، والغد عبارة عن يوم بينه وبيننا ليلة واحدة .
قال الرازي : : الغد له مفهومان : أحدهما ما ذكرتم . والثاني : مطلق الزمان المستقبل ، ومنه قول الشاعر :
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم ما في غد عمِ
وأراد
به مطلق الزمان المستقبل كما أراد بالأمس مطلق الزمان الماضي ، فصار لكل
واحد منهما مفهومان ، ويؤيده أيضا قوله تعالى : { كأن لم تَغْنَ بالامس
}(يونس / 24) ، وقيل إنما أطلق على يوم القيامة اسم الغد تقريباً له كقوله
تعالى : { اقتربت الساعة } (القمر/1) وقوله تعالى {وما أمر الساعة إلا
كلمح البصر أو هو أقرب }النحل/77) وكأنه تعالى قال : إن يوم القيامة
لِقُرْبِه يشبه ما ليس بينكم وبينه إلا ليلة واحدة ، ولهذا رُوِيَ عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : اعمل لليلة صبيحتها يوم القيامة
قالوا أراد بتلك الليلة ليلة الموت .
-----------------------------------
* قال الله - تعالى – { إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وجلت قلوبهم } (الأنفال/2) .
وقال - جل وعلا – { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (الرعد/28) .
كيف التوفيق بين الآيتين ، والتعارض بين الطمأنينة ووجل القلوب ظاهر؟
قال
الدكتور أبو سريع محمد أبو سريع في كتابه عن المتشابهات : أنه لا تنافي
بين الآيتين ، ولا تعارض بين الطمأنينة ووجل القلوب ، فقد وردتا في حالتين
كلتاهما من صفات المؤمنين الكاملين ، فالطمأنينة تكون بانشراح الصدر
بمعرفة حقيقة التوحيد ، والوجل يكون عند خوف الزيغ والتقلب عن الهدى ،
فمعنى { وجلت قلوبهم} خافت قلوبهم من هيبة الله ، واضطربت نفوسهم من عظمته
، وذلك إذا ما تذكروا عظيم عقوبته ، وجليل عدله ، وشدة وعيده على ترك
أوامره واجتناب نواهيه ، وعلمه بما دق وعظم واقتداره عليه . ومعنى { تطمئن
قلوبهم بذكر الله } أنهم إذا ما نظروا في نعم الله عليهم ، وذكروا مننه
لديهم ، وإحسانه إليهم ، وسعة فضله ، وعظيم مغفرته ، وبالغ رحمته ، وكثرة
ثوابه على الطاعات : اطمأنت قلوبهم ، وانشرحت صدورهم ، وحسن بالله ظنهم ،
وسكنت نفوسهم إلى عفو الله - تعالى - بسبب ما أوتوا من قول المعرفة وعظيم
التوحيد .