ربى السجن احب الى مما يدعوننى اليه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد
فإنه من المعلوم أن الأسير هو من أسره هواه وان السجين هو من سجن فى دنياه
أما أولئك القابعين فى الأغلال والقيود بجريمة نصرة المسلمين أو الدخول فى الدين
فوالله إنهم ليسوا بسجناء إذ يوشك الله أن يقدر لهم إحدى الحسنين الخروج أو القتل فى سبيل الله
ولكن
من اردت أن أتحدث عنها اليوم هى من سجنت أرواحنا جميعا داخل أجسامنا
لا ريب أنها قد والله أبكت الرجال وأصرخت النساء وفزع لما حدث لها الشيوخ والولدان
إنها قصة جديدة وملحمة عتيقة تكتب رغما عنا جميعا
ولكن هذة المرة ليست بأيدينا لكنها بأيديها هى حفظها الله من كل سوء
لقد قامت وانطلقت فى طريق شديد وعر والله قد يخشى الرجال أن يسيرو فيه
وهو طريق صعب شديد
تعب لأجله آدم وناح لأجله نوح
وألقى فى النار إبراهيم وأودع للذبح إسماعيل
وبيع يوسف بثمن بخس قليل ولبس فى السجن بضع السنين
وكابد الأذى داود وزاد عليه فى المقدار أيوب
وشق لأجله بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحى
وسار مع الوحش عيسى وكابد الفقر والبلاء محمد بن عبد الله
.
فلا ريب عندى أنه طريق شديد
ولكن لكل طريق ثمرة فيا تُرى هل تستحق ثمرة هذا الطريق مشاقه وأحزانه
إن ثمرة هذا الطريق والله تستحق أكثر من ذلك بكثير
إنها جنة عرضها السماوات والأرض
ولقد رأيتها لازلت تمشى فى هذا الطريق يُطوى الزمان تحت أرجلها طيا وتتكاظم العماليق بين يديها شئ فشئ
يالله من شئ عجيب إنها نفسية والله قد عدمت من عند كثير من الرجال ولكن
ولكن كانت هى كذلك تسير فى طريقها لا تخشى من أحد إلا ربها
لازت والله أشعر بمرارة ما حدث ممن زعموا أنهم مسلمون إذ يسبو تلك
العفيفة الطاهرة بأفظع الألفاظ وثم يأمرونها برجوع إلى ما كانت عليه من عبادة الصليب
ولكنى كنت أعلم أن مثل كماليا ما كانت لتفعل ذلك
و لم تفعل
واكتفت بتوجيه نظرة إليهم والله لقد كانت تحوى الكثير من الكلام
ولو جهدت نفسى أن أفسر تلك النظرة التى تحمل الدهشة والأستنكار والخوف والطمئنية فى آن واحد و و و ووو
لما ساعدتنى الأوراق ولعجز الزمان أن يمدنى بالأعمار لتفسير تلك النظرة
التى ألقتها أختنا إلى من زعموا أنهم من المسلمين والأسلام منهم برىء
وكأنى بها تقول فى نفسها
ربى السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه
والله لقد قتلتى المسلمين أجمعين بثباتك يا كماليا وهم هم
مسلمو العصر هم مسلمو العصر إلا من رحم ربى
ثم أخذت تلك السيدة الجليلة إلى سجون الأديرة الحقيرة
والتف حولها الطغاة والأوباش يرقصون ويفرحون فلقد عادو بفريستهم المسكينة كما أرادو
وكأنى بهاتنظر إلى وجوه المسلمين العابسين فى الطرقات
قائلة
لو كان ما بى فى اليهو لأقبلت من كل ناحية يهود تحشد
أو كان ما بى فى المجوس لجيشت من كل زاوية نيران تحرق
لكن كانت هذة المرة معكم أيها المسلمون
فما بالكم ألا تغارون ألا تبصرون والله عنى يوم القيامة تسئلون
ثم صرخت قائلة
نصب الصليب على جبينى عنوة والمجرمون تكالبوا لسفاحى
إن لم تلبونى سأشكوكم إلى رب البرية فالق الإصباح
عار عليكم تمرحون وأختكم فى قبضة المجرم السفاحى
يا إخوتى نكأ العدو جراحى فسرى يدوى فى السماء صراخى
.
.
.
وسريعا ما وصلو بأختى فديتها بروحى ودمى إلى غياهب الدير
كى تذوق العذاب الأليم وإن أكبر عذابا لها هو تخلى المسلمين عنها
والله يا كماليا لأن أُ قدم فتضرب عنقى بالسيف ألف مرة لكان أحب لى مما حدث لك
فدتك نفسى يا كماليا وكان جسدى دون جسدك وقاء ونحرى لكى الفداء
ونعاهد الله أن قضيتك لن تموت بل والله لن تجمع الدنيا بينك وأخواتك فى السجون
وبيننا من المسمون بالأحرار
فإما أن نخلصكن مما أنتن فيه أو نذق ما ذاق حمزة بن عبد المطلب
والله المستعان على ما يصفون والحمد لله رب العالمين
وكتبه
محب المسلمين والمسلمات
ابو عبد الملك الأنصارى
رحمه الله و غفر له