فيلم أمريكاني !

جمال سلطان | 01-11-2010 00:56

مرةأخرى يهيج الأمريكان العالم "بحدوتة" جديدة عن تهديدات إرهابية خطيرة دونأن نضع أيدينا على أي معلم لتهديد جدي أو حتى معالم القصة وأبعادها ،والحدوتة الأمريكية الجديدة تتحدث عن طردين يشتبه في أنهما يحويان مادةمتفجرة ، وأن هذين الطردين تم ضبطها في مطار دبي وأن مصدر الطردين هواليمن وأن الطائرة التي حملت الطردين كانت قطرية ، وأن هذه الطرود كانتموجهة إلى معبد يهودي في مدينة شيكاغو بشمال الولايات المتحدة ، ثم زادتالتقارير الأمريكية تلميحات من مسؤول المعيد يقول فيها أن مواطنا مصريادخل على موقع هذا المعبد بشبكة الانترنت في يوم واحد قرابة ثمانين مرة وأنهذا أمر خطير ومثير للدهشة وسوف يدلي بمعلومات حوله لجهات التحقيق .

لاحظ أن الحدوتة حاولت جمع أكبر عدد ممكن من الدول العربية لوضعهم فيدائرة الاتهام ، اليمن وقطر والإمارات ومصر ، ومن يدري ما الذي يمكنهمإضافته لدوائر الشبهات خلال الساعات أو الأيام المقبلة ، وهي طريقةأمريكية معتادة في وضع أي دول تحت الضغط من أجل الابتزاز السياسي أوالأمني ، وأحيانا للفت الانتباه عن متاعب أمريكية في أماكن أخرى من العالم، ويكفي أن نذكر الحملات الأمريكية الإعلامية والسياسية المروعة التياجتاحت العالم كله في أعقاب أحداث سبتمبر عن الاختراق الإرهابي للمؤسساتالخيرية الإسلامية وكيف أن تلك المؤسسات تدعم المنظمات الإرهابية وتمولجماعات العنف ، واضطرت دول عربية كثيرة إلى إغلاق تلك الجمعيات ومطاردةأصحابها وبعضهم زج به في السجون ، قبل أن يكتشف العالم أن كل هذه "الغارة"الإعلامية كانت تضليلا وأكاذيب لضرب العمل الأهلي الإسلامي وتهميشه لإخلاءساحات التبشير الديني أمام المؤسسات الكنسية الأمريكية في ألبانياوالبوسنة واندونيسيا ووسط أفريقيا وجنوب السودان ومناطق أخرى من العالم ،وقد قدمت أكثر من جمعية خيرية إسلامية للمحاكمة ، وتمت تبرئة الجميع ، ولميثبت ـ بعد مرور قرابة عشر سنوات ـ أي تهمة على جمعية خيرية إسلامية حتىمن القضاء الأمريكي نفسه ، مجرد أكاذيب أمريكية وغارات إعلامية لأهدافمحددة .

الحدوتة الأمريكية الجديدة يمكن أن تضع أمامها علامات استفهام كثيرةللغاية ، فلا أحد يعلم على وجه التحديد ، ما الذي يشغل إرهابي موجود فياليمن بمعبد يهودي هامشي ولا يكاد يعرفه أحد موجود في شيكاغو ، بحيث يكونشغله الشاغل وتخطيطه وسهر الليالي عنده هو في استهداف هذا المعبد وتفجيره، المؤكد أن هذا شخص مجنون لو كانت الفرضية حقيقية ، أو أن تكون الفرضيةالأخرى الأقرب إلى المنطق أن جهة أمنية محترفة أرادت اصطناع ضجة وزوبعةإعلامية وسياسية من أجل أهداف مجهولة ، ووجدت أن لعبة استهداف مكان عبادةيهودي ـ بشكل تمثيلي وتحت السيطرة ـ يحقق تعاطفا إنسانيا دوليا أكثر ، كماأنه يكون مفهوما لخلفيات الصراع بين العرب و"الدولة العبرية" .

جون برينان مساعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشؤون الأمن الداخليومكافحة الإرهاب أراد أن "يشعللها" فأطلق تصريحات مسرحية تتحدث عن خطركبير يهدد الولايات المتحدة من جراء الطرود الملغومة وأنه يفترض أن هناكالمزيد من تلك الطرود يتوقع أن ترسل من جديد (من أين عرف ذلك ؟!) وأنبصمات تنظيم القاعدة واضحة فيها ، وكلام طويل عريض مما يسميه العامة فيبلادنا "هجايص" .

حزنت أن أجد الرئيس اليمني وهو يعلن أمس أمام الإعلام العالمي عناستنفار أمني كبير وقيام قوات من الجيش اليمني والشرطة بمحاصرة أحياءبالعاصمة صنعاء والتركيز على منزل يشتبه بأن الطرود أرسلت منه ، ثم يتمإلقاء القبض على شابة يمنية بريئة وترويع أهلها ، قبل أن يتبين خلال ساعاتقليلة أن الحكاية كلها "فضيحة" ويتم إطلاق سراح الفتاة ، كنت أتمنى إن كانولا بد أن يشارك في أفلام أمريكاني أن يلعب الدور الذي يليق برئيس دولة .
almesryoongamal@gmail.com